كنت فى الصف الثانى من الثانوية العامة..كنت اتلقى أحد الدروس الخصوصية بمنزل عمى بعين شمس..كان يوم جمعة شديد الحرارة، ركبت المترو كعادتى للذهاب لمنزل عمى، كنت شاردة الذهن ولم أستطع التذكر فيم كنت أفكر؟
المترو مزدحم كعادته..محاطة بالوجوه من كل إتجاه..وجوه غريبة،مرهقة،عابسة...! لم يكن هناك ما يلفت النظر حتى ركبت هى "علا" بنت صغيرة لم تتجاوز عامها الخامس، لها وجه مستدير أبيض، عيناها بنيتان يتدلى فوقهما خصلات من شعرها الذهبى...كم كانت جميلة؟! لم ألتفت إليها فى بداية الأمرحتى ثارت على أمها..لم أستطع معرفة سبب تلك الثورة لكن ما ادهشنى إنها كانت تصرخ بشدة دون ان تقول أى كلمة تعبر بها عما تريد! تصورت إنها تمارس نوعاً من الدلال على أمها ولكنى اكتشفت إنها بكماء حين استثارها أحد الركاب بأن أخذ يكلمها و يطلب منها أن تجيبه و هى لا تستطيع فهمه أو الرد عليه..هى فقط لا تستطيع! وجدت علا تزداد ثورة و تحاول الإختباء داخل خمار أمها وكأنها تتمنى ألا يراها أحد، إستوعب الرجل علة علا..فحاول أسترضائها بأن دعاها بالجلوس الى جواره و اللعب مع إبنته فرفضت علا بشدة وظلت ممسكة بأمها وعيناها تتجه نحو ذلك الرجل بنظرة حادة كنظرة إمرأة تشعر بإهانة لكرامتها!
كانت اخت "علا" الكبرى تقف الى جوار راكب آخرفحاول هذا الرجل أن يشير إلى علا بيديه و رأسه علها تفهمه ولكنه قوبل هو الآخر بثورة منها و جعلت تشد أختها بعيدأً عن ذلك الرجل..لم أستطع تفسير موقفها من أختها..للحظة شعرت إنها تغار من أختها لأن لديها تلك القدرة على التواصل مع الآخرين.."الكلمة"..وكنى بعد ذلك شعرت إنها تحب أختها بشدة لدرجة إنها تخاف عليها من الرجل الذى تقف إلى جواره! ...
أخيراً خلا الكرسى المجاور لها..فجلست..لم يكن يفصلنا سوى ذلك الممر الضيق، تذكرت إنه توجد "علكة" بحقيبتى، أخرجتها وأعطيتها لها دون أن انطق..ترددت هى فى أخذها حتى أشارت لها امها أن تأخذها، سألت أمها عن إسمها ثم فتحت لها ذراعى أن تأتى إلىّ..أسرعت نحوى و ظلت واقفة بين ذراعى رافضة طلب أمها ألا تزعجنى و تعود للجلوس الى جوارها..جلست على ساقىّ..دون أن أرى وجهها.. ظللت أمرر أصابعى بين خصلات شعرها حتى شعرت بإسترخاء رأسها فوق صدرى..شعرت برغبة فى تقبيلها ولكنى لم أفعل..لا أعرف ماذا منعنى؟!
وصل القطار الى المحطة..أشرت اليها إنه علىّ ان اتركها......
علا : شكراً على تلك اللحظات!
No comments:
Post a Comment